نتائج عكسية !!

مرحبا جميعا عدت لكم بعد غياب طويل
استقت لكم ولصحبتكم الا انها ظروف من شغلتني عنكم

اقدم لكم قصتي القصيرة
" نتائج عكسية "

اتمنى ان تنال رضاكم .

نتائج عكسية!


نظرت الى المرآة امامها ... تاملت نفسها بحزن و قهر ... كانت نظراتها تتجولان بحدة على جميع اجزاء جسدها ... شعر يشبه سلاسل النيران الطويلة ... عينان واسعتان تحاكي البحر بأمواجه ... شفتان ممتلئتان كالزهر بلونهما ... كل شيء بها يمتاز بالجمال و الرقة ... تشبه لوحة فنية ابدع برسمها امهر الفنانين ... إلا ذلك الجزء الذي تسبب بتعاستها طوال حياتها ... انه بطنها الكبيرة ... وكذلك ذراعاها و قدماها الممتلئتان بشكل مبالغ به ... هذه الشحوم الزائدة افسدت تلك اللوحة البديعة التي وجب ان تكونها ... تسابقت دمعاتها البراقة بالنزول تدريجيا ... كل يوم تتعرض للإهانات و السخرية دون رحمة او شفقة من احد ... انعدمت ثقتها بنفسها مع هذا الكم الهائل من الإهانات الموجهة لها ... اتبعت اكثر من خمس برامج حمية ... ولم يجدي احداها نفعا ... سمعت صوت حركة مريبة خلفها ... لم تلتفت لكنها رفعت وجهها لترى انعكاس صورة فتاة طويلة القامة ... شديدة النحول ... لم تحتج الى معرفة المزيد فقد حفظت هذه الملامح الشيطانية ظهرا عن قلب ... التفتت ناوية الخروج ... فلا تريد لمكان ان يجمعها بتلك النحيلة ابدا ... حتى وان كان حمام الفتيات ... غُرِزَت اظافر طويلة بذراعها المليء بالشحوم ... نظرت لها بنظرات باردة ... " سوزان " الفتاة التي تكبرها بعام ... نحيلة كعيدان القصب ... ببشرة شاحبة كالأموات ... و شعر اُهلكَ من كثرة تمليسه ... حقيقة ان قارنت نفسها بها فكلتاهما قبيحتان ... و " سوزان " ليس من حقها السخيرة منها بهذا الشكل ... هي تعترف انها سمينة بشكل بشع ... لكن " سوزان" ايضا بشعة بنحولها المبالغ ... تستغرب كيف تستطيع جذب الشباب بغنجها الغير مقبول ابدا ... و كيف تستطيع تلك الفتاتان الملاحقتان لها كالظل تحملها ؟ ... تعاملهما كالجواري بينما يعاملانها كالأميرة ... ارتفع حاجب " سوزان " الأيسر بسخرية .
(( أرى أنك كنت تتأملين نفسك بالمرآة ... ماذا ؟ أكنتِ تتحسرين على شكلك ؟ ... ام تندبين حظك ؟ ... )) ... تبعت كلامها بضحكة عالية ساخرة ... تبعتها ضحكات الفتاتان و اللتان تدعان " رنا × جنا " ... توآمان انعم الله عليهم بنعمة الجمال الّا انهم للأسف أساءوا استخدامها ... يقيدان نفسيهما بتلك المتعجرفة " سوزان " ابنة عمهما ... سحبت يدها بعنف من وسط اظافر " سوزان " الطويلة مما تسبب بخدش طويل على ذراعها السمينة ... وضعت يدها مكان الخدش وركضت خارج الحمام ... لم تستغرب نظرات الجميع المحتقرة و الساخرة ... وكذلك الهمسات العالية والتي ابت الا ان تصل لمسامعها لتزيد من تعذيبها ... يهمهم الشكل و المظهر ... و لا قيمة للمضمون او الروح ... كالقمر ... من بعيد منير بديع ... لكن ان رايته عن قرب فهو ارض جرذاء خاوية ... تماما كقلوب فتيات وشبان هذا المكان ... نظرت من زجاج السيارة الى خارج الشارع ... لا ترى صورة واضحة لشيء محدد ... اضاء اللون الاحمر لتتوقف السيارة تدريجيا .. كانت تحيط بها لافتات الإعلانات المعتادة او التقليدية المملة ... لفت انتباهها إعلان يختلف بألوانه عن باقي الإعلانات ... " افضل جراحين امريكا اليوم تخلص من الدهون الغير مرغوب بها خلال يومين ... " واستكملت قراءة الاعلان و الذي انتهى بعنوان ورقم هاتف المستشفى ... امرت السائق بان ينزلها على جانب الشارع ... تصادف قرب المستشفى من المكان التي هي به ... ولجت الى داخل المستشفى بعزيمة ... ما دامت هذه هي الطريقة الوحيدة التي ستتخلص بها من شحومها الزائدة فلا بأس مهما كان الضرر ... تحدثت مع الطبيبة المسؤولة عن اجراء العملية بكل التفاصيل ... كانت تخبرها بان العملية بمنتهى البساطة ... خففت من توترها و اشتدت عزيمتها على إجراءها ... بعد احضار الأوراق الرسمية لها والأكد من ان عمرها تجاوز العشرين بعامين ... اخر عام لها بالجامعة وستثبت مدى جمالها وحسنها ... بل وبهذا الشكل لن تخجل ان تتطلب من " حواء " ذات الصيت والسمعة الحسنة دعوة عيد ميلادها و الذي لن يحضرها الا المميزين الذين يليقون بمقام " حواء"... فتاة امتازت برقتها وتعالمها الطيب ... وخلقها الحميد ... لم تكن تنظر لها كالبقية الا انها لم تتحدث معها يوما .
بعد مرور ثلاثة ايام فترة النقاهة التي احتاجتها ... دخلت بكل شموخ ورأس مرفوعة ... نظرات الدهشة احاطتها من كل زاوية ... تقدمت من "سوزان" و التي كانت توليها ظهرها منشغلة بوضع كتبها في حقيبة يدها المسندة الى الطاولة امامها ... هزتها برفق من كتفها ... وقد تعمدت تركيب اظافر هذه المرة ... تريد ان ترد اهانة ثلاثة اعوام بيوم واحد ... التفتت لها " سوزان" بنزق لتفتح عينيها على وسعهما و قد تسلقت يدها شديدة النحول بارزة العروق الى فمها محاولة كتم شهقة دهشة ... ارتفعت زاوية فمها بابتسامة ماكرة و قد يقال عنها ساخرة ايضا ... و اكتفت بنطق بعض حروف بدى واضحا وضوح الشمس كمية السخرية بها (( كيف حالك " سوزان " ؟ )) توقفت قليلا لتتجول عينيها على جسد " سوزان " الهش المليء بالعظام ... تأملتها لبضع ثوان ... (( يجب عليك ايجاد حل لنحول جسدك هذا ... انه يثير الإشمئزاز ... تبدين ك"كومة عظام" متحركة)) ... لتعلو ضحكاتها المغنجة المكان ... تريد ان ترد لها الصاع صاعين ... ان تعذبها بقدر ما عذبتها بلسانها الطويل هذا طوال الثلاثة اعوام التي قضتهم بالجامعة ... تعجبت من دموع " سوزان" الغزيرة و التي ابت الوقوف رغم محاولات " سوزان" بمسحها بظاهر يدها ... لم تبالي .. يجب ان تتذوق القليل مما عانته هي ... غادرت المكان تاركة "سوزان" تنتحب خلفها ... مهما بكت لن تصدق يوما ان لها قلبا ... صدفت بطريقها " حواء" توزع بطاقات الدعوة على مجموعة من الفتية و الفتيات ... تقدمت منها ليعلو صوتها مرحا (( مرحبا " حواء" !)) ... الفتت لها " حواء" بصدمة عندما ترآت لها صورة جديدة ل" غفران " تلك الفتاة السمينة ... حيتها ببشاشة (( اهلا " غفران" ... ماذا جرى ؟ ... اعني ما الذي غيرك؟ )) ... لفّت خصلة من شعرها الكستنائي حول اصبعها السبابة ... اجابتها بتعالٍ لم تلحظه (( حمية بسيطة ... اتظنين ان امرا كهذا قد يصعب علي انا " غفران" ؟ )) ... نظرت لها " حواء" باستغراب شديد ... ما الذي تغير ب"غفران" ذات الروح الطيبة ؟... ما الذي حدث ل"غفران" المتواضعة السمحة ؟ ... كادت ان تمد لها بالدعوة لولا انها سمعت صوت ضجة آت من الخلف ... نظرت للخلف فاذا بها ترى " رنا " و " جنا " يحاولان تهدئة "سوزان" و التي كان صوت بكائها يملأ المكان ... سارعت لهناك و تبعتها " غفران" تلقائيا ... نظرت " حواء" ل"جنا" سائلة اياها (( ماذا حدث ؟ )) ... انتقلت نظرات "جنا" الى " غفران" بحدة ... اخبرت "حواء" بكل ما جرى حرفا حرفا و لم تنسى جملة خيرة تلقي بها اللوم على " غفران" و التي كانت طوال الوقت مبتسمة وهي مدركة تمام الادراك ان كل هذا ليس سوى تمثيل ... لم تكمل "جنا" حديثها لتمتد يد "غفران" الى كتف " حواء" تديرها لها بتملك وسلطة ليست من سماتها ... سابقا ... (( آه "حواء" قبل هذا التمثيل الرديء والحوار السخيف الذي جرى ... كنت اتساءل ان كان بإمكاني الحصول على دعوة لعيد ميلادك ؟ ... سيكون حضوري مميزا )) وضحكت بصوت عالٍ ... نظرت لها " حواء" بتفحص لتقول باشمئزاز بعدما ابعدت يدها عن كتفها (( لست " غفران " ولن تكوني بعد الان ... لم تعودي "غفران" الطيبة النقية العفوية ... لم تعودي "غفران" التي اعجبت بها طوال العامين السابقين ... كنت اكره و احقد على " سوزان" من تصرفاتها معك ... لم اكن انوي حتى ان ادعوها لعيد ميلادي ... إلا انني الآن اغير رأيي تماما ... لا مكان لك ببيتي ... )) و التفتت ل"سوزان" تمد يدها بدعوة زرقاء ... بابتسامة قالت (( سأكون بانتظارك )) ... واعطتهم ظهرها ... لكنها القت بقنبلتها الاخيرة قائلة (( وداعا .. يا من كنتِ "غفران" )) ... انهارت "غفران" بعدما خطت "حواء" مبتعدة تلاحقها "سوزان" و"جنا " و"رنا" ... لم تكن تتوقع ابدا ان كل ما فعلته سيكون بنتائج عكسية !

شكرا

الف شكر علىة الموضوع المميز ننتظر جديدك

بارك الله فيك اخي الغالي
تسلم على القصة الجميلة

شكرا لك موضوع رائع

احسنت موضوع روعة